هل يُختزل إسلام المرأة في الحجاب ؟؟
أقرب و أصدق صديقة لي لم تتحجب (تتحجب هنا أقصد بها أن تغطي شعرها ما دمنا جميعا نرى أن هذا هو الحجاب أما لباسها فقد كان محترما دائما و أكثر سترا لجسدها من آلاف المحجبات) قلت لم تتحجب إلا مؤخرا بعد أكثر من ست سنوات مرت على صداقتنا كانت لي فيها و لا تزال الأخت الكبرى و الأم و الصديقة و كاتمة أسراري و مساندتي في الشدائد كلها، أقضي معها من الوقت بحكم العمل أكثر مما أقضيه مع أي شخص آخر و لم أر منها طيلة هذه السنين إلا أخلاق المسلمة الحقيقية بكل ما في الكلمة من معنى، هي أفضل مني بدرجات لا أستطيع عدها و لكنها كانت تظن العكس فقط لأنني منذ التقينا كنت محجبة و هي لا، عندما أقارن أنا زلاتي باستقامتها كنت أبكي في داخلي ...
أعرف كما تعرفون جميعا أن الحجاب لم يكن يوما و لن يكون معيارا لالتزام المرأة من عدمه، ويكفي أن أسألكم حتى تغدقوا علي بأمثلة كثيرة من وسطكم لحالات مختلفة تؤكد هذه القاعدة.
إذن صافي جاوبنا على السؤال و سالينا والصلاة على النبي.. و أنا هنا إذ أجيب على هذا السؤال فمن منطلق الواقع المعاش و ارتباطه بالدين عامة و لست بصدد التنظير فذلك تخصص بعيد عني كل البعد. لكن الذي أريد الحديث عنه هنا هو هذه الحميمية التي تولد بيننا و بين هذا الغطاء الساتر للرأس و الذي بارتدائه يصير لزاما علينا أن نتفقد باقي لباسنا بشكل عفوي (شوفي لي واش هاد القميجة كاتبين؟ ياكما جاتني هاد الصاية مزيَّرة؟) هكذا تسأل المحجبة حديثا أختها أو صديقتها قبل الخروج ... إنها الفطرة و كفى. شيئا فشيئا يصير هذا الحجاب جزء لا يتجزأ منا و الخروج بدونه ضرب من المستحيل و يكفي أن تسأل كل محجبة عن إحساسها إذا ما خرجت بدونه لتكون الإجابة الموحدة هي: "كنحس أو غنحس بحال إلى راني خارجة عريانة و كلشي كيشوف في".
سأعطي وصفا للحجاب أظن أن أغلبكم سيشاطرني إياه (أؤكد أنه رأيي الشخصي):
عندما تحضِّر وجبة شهية غنية و متنوعة و تقدمها لضيفك، فإنها تبقى ناقصة ما لم تقدمها في طبق جميل و بشكل مرتب وأنيق على المائدة مع العلم أنك إن لم تفعل فذلك لن ينقص من قيمتها شيئا، لكنها لن تكون كاملة، الحجاب هو ذلك الطبق و ذلك التقديم الأنيق للوجبة الغنية التي هي أخلاق و عبادات الإسلام التي فرضها الله عز و جل كما فرضه علينا ..
لا تزر وازرة وزر أخرى و الله عز و جل سيحاسبنا عن فرائضه علينا كل واحدة على حدة و لا أحد غيره سيحاسبنا عنها و هو وحده يعلم خائنة الأنفس و ما تخفي الصدور أما نحن فسيقضي بيننا في مظالمنا لبعضنا و طوبى لمن سلم من أذيته لغيره يومئذ.
هنا يأتي السؤال الأهم و الذي قد تمت الإجابة عنه ضمنيا:
هل يحق لأحدنا أن يحاسب مسلمة اختارت أن تنزع حجابها؟
ليكون الجواب "لا" مادام ذلك قرار فردي لم يتسبب في أذية الآخر و هي وحدها من تتحمل عواقبه لكن و أسطر على لكن هذه بسطرين عريضين وأقول أولا : نعم يحق لنا أن نتصالح مع ذواتنا و أن نبحث عن حقيقة ما بداخلنا و نواجه أنفسنا بتناقضاتها و نطرح الكثير من الأسئلة التي شرعها لنا الله عز و جل و ليس لأي أحد غيره حق نهينا عن ذلك "وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي" .. الشاهد هنا أن الله عز و جل لم ينكر على سيدنا ابراهيم سؤاله فكيف ينكره عليه غيره؟ و أعود إلى "لكن" و أقول أن الذي نستنكره على هذه المسلمة التي اختارت نزع حجابها لأي سبب من الأسباب هو إشهارها لهذا الأمر و تقديمها لمبررات تكاد تكون مقنعة عند غيرها ممن قد يدفعهن ضعف الإيمان أو تصادف نفس المبررات إلى سلوك نفس الطريق ليبقى السؤال هل سيجدن ما تبحث عنه أختنا بدورهن؟ (هذا إن بحثت) ... إذن فأن نتخذ قرارا صادما كيفما كان أو نتمرد بطريقة معينة فتلك أمور تخصنا، "لكن"، أن نزين هذا الفعل لغيرنا فنحرضهم عليه من حيث لا ندري فتلك هي الطامة الكبرى لأننا بذلك ندخل في حيز من سنَّ سُنَّة سيئة فله وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة و ما أعظمه من وَبَال كنا لِنَتّقيه بقليل من الحكمة.
يبقى كل هذا الكلام رأيا شخصيا كما أسلفت، و قد ترددت كثيرا قبل الكتابة في هذا الموضوع لأني لست أهلا للخوض فيه، و في الختام أسأل الله عز و جل أن يحفظنا نحن بنات المسلمين جميعا من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا و أن يهدينا سبل السلام. و السلام
2 التعليقات:
اشارك اخى الكريم فيما ذهب اليه
فقد علق بقدرة فائقه لاتتحمل بعدها اى اضافة
وموضوع الحجاب اختلفت معه الآراء ولكن الاكيد ان حرية الاختيار تفرض نفسها
اخي الفاضلة ، بسم الله الرحمن الرحيم ، قضية الحِجاب قال تعالى : { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } سورة النور | 31
والخمر هو جمع خِمار أي: حِجاب
كلام الشيخ العّلامة صالح الفوزان :
الحجاب في الجملة واجب بإجماع المسلمين، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [سورة الأحزاب: آية 53]، والضمير وإن كان لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم فهو عام لجميع نساء الأمة لقوله: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [سورة الأحزاب: آية 53]، فهذا تعليل يشمل الجميع؛ لأن طهارة القلوب مطلوبة لكل الأمة، وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [سورة الأحزاب: آية 59]، فهذا عام لجميع النساء من أمهات المؤمنين وبنات الرسول صلى الله عليه وسلم وغيرهن من نساء المؤمنين، فالحجاب في الجملة واجب بإجماع المسلمين، والسفور حرام.
--
أتمنى ان قد يكون رد واضح شكراً لكِ
--
ذلك والله أعلم وصلِّ الله على محمد وآله والحمدلله ربّ العالمين.
إرسال تعليق
تعليقكم تشجيع