في الأمس البعيد ـ قبل أكثر من عشر سنوات ـ كنت أدرس بالثانوية التقنية الليمون بالعاصمة الرباط، و كان رفاقي في الشعبة من مختلف ربوع المملكة .. أثناء تعارفنا الأول ببعضنا البعض، ما إن قلت لهم أنني من مدينة تيفلت حتى انفجروا ضحكا و تغامزوا بينهم. تطلبت مني سنتي الأولى معهم دموعا و خصومات و عداوات قبل أن أألف سخريتهم التي اختفت بدورها بعد أن فطنوا إلى حساسيتي من الموضوع و كذلك بعد أن فرضت احترامي عليهم بطيبوبتي و صرامتي. كانت كلمة تيفلت حينها تحيل عقل سامعها مباشرة إلى أوكار منظمة للتجارة الأقدم عبر التاريخ ..
في الأمس القريب ـ قبل أقل من سنة ـ و أنا أستقل سيارة أجرة من أمام محطة الرباط المدينة متوجهة إلى محطة سيارات الأجرة الكبيرة لتيفلت ـ و كنت أرتدي حجابي الفضفاض و أحمل حقيبة على ظهري و أخرى في يدي ـ سألني السائق مباشرة :
ـ هل أنت ذاهبة لزيارة أحد السلفيين بسجن تيفلت ؟
كان سؤاله كالصاعقة فأنا لم أكن أعلم حتى بوجود سجن بمدينتي اليتيمة، قلت له بعد أن استفسرته عن هذا السجن أنني ذاهبة إلى أمي و أبي فقط فاعتذر مني ..
بين الأمسين قضيت شهرا من التدريب في المجلس البلدي لمدينة تيفلت في مجال تخصصي ـ البناء و الهندسة المدنية ـ عرفت خلاله أن ثمة مشروع كبير في ضواحي تيفلت لأكبر محطة لمعالجة الأزبال !! عرفت كذلك أن من يتطوع للعمل فيه من أبناء المنطقة تضطره فقط قلة ذات اليد فيما هو يعلم يقينا أنه مقدم على عملية انتحار بطيئة رغم تلك الحقنة التي يقول مسؤولوا المحطة أنها ستحمي العمال من الفيروسات الفتاكة.. لم أعرف بعدها مصير هذا المشروع..
لن أبوح بسبب تذكري لهذه المحطات من حياتي/مدينتي سأكتفي فقط بتدوين تاريخ هذا اليوم - الجمعة 19 يوليوز 2013 - الذي شهد أول زيارة لملك البلاد منذ توليه العرش إلى هذه "التيفلت" و التي لا تبعد عن العاصمة سوى بكلمترات لا تتعدى الستين ..
3 التعليقات:
لا تتعدى الستين :)
صحيح ما قلت فاسم تيفلت كان يحيل في عقلية الناس على أشياء أخرى، لكن المشكلة أن هذه الزيارة كان وراءها ما سيدخل المدينة في فكرة أخرى :)
شكرا على الحقنه
إرسال تعليق
تعليقكم تشجيع