"كل هذه السعادة كانت ستفوتني لو لم يتأجل لقاء المدونين المغاربة إلى موعد لاحق، فسبحان الله الذي بنعمته تتم الصالحات . " هكذا قلت في نفسي و أنا أودع أصدقائي من جمعية "أماريس" عائدة إلى البيت مساء الأحد الماضي ..
كان مساء بطعم الحب و الرحمة و البراءة و الحنان، كيف لا و قد كنا رفقة فئتين من الناس لا تجتمع هذه الصفات إلا فيهما، إنهم آباؤنا و أبناؤنا. كانت فكرة عبقرية من شباب جمعية أماريس أن يجمع بين أيتام مؤسسة "أحضان" و نزلاء مؤسسة "دار المسنين" في مقر هذه الأخيرة بمدينة المحمدية. لم يكن جمعا عاديا، بل كان لمسة سحرية ولدت مجموعة من الأحاسيس الدافئة في أمسية شتوية مخلدة، كان أيتام مؤسسة "أحضان" هم أبطالها بامتياز .
اقتصرت مهمة شباب "أماريس" في تأطير هؤلاء البراعم الصغار الذين أظهروا عن مهارات عالية و أخلاق ساحرة زرعت البسمة في كل أرجاء الدار التي تقدم مديرها بإطلاعنا على كل مرافقها في جولة جماعية لنستقر أخيرا في صالونها الكبير في جلسة مستديرة، ساهم بعض الأطفال في تحضير وجبة الغذاء و آخرون في تنشيط المجلس الحميمي بأهازيج و أناشيد دينية مختلفة، كان المجلس منيرا ب"مي رقية" "مي خدوج" "با سمحمد" و أسماء أخرى اختلفت ظروفهم و تنكر لهم مجتمعهم و تخلى عنهم ذويهم لتكون المؤسسة هي الحضن الذي ضمهم و جعل قلوبهم تنبض من جديد. لكن، و لأن إحساس الوحدة يكون أشد وقعا من أي إحساس آخر فقد ارتسمت في عيونهم فرحة لا توصف بهذا الجو الأسري الحميمي خاصة و أن من يقدم لهم هذا العطف هم فئة تعاني من نفس الوحدة و الإحتياج بشكل معاكس، أطفال كان القدر أقوى من أحلامهم فحرمهم من أحد أبويهم أو كلاهما فبارك الله في هذا التكامل الذي ارتسم في عيونهم دموعا متلألئة لسان حالها يقول : ما ينقصنا هو أنتم و ما ينقصكم هو نحن .
"با البودالي" أستاذ متقاعد عضو مؤطر في مؤسسة "أحضان" لرعاية الأيتام كان القلب النابض طيلة الأمسية، يقترح هذه الأغنية و يحكي تلك المستملحة، يتقدم من "مي رقية" فيقبل رأسها، يطلب من "باسمحمد" أن يحكي للحاضرين شيئا من حكايات زمان ... "با البودالي" هكذا يناديه كل أطفاله في المؤسسة و حق لهم أن يفعلوا و قد أبان عن حب كبير يكنه لهذه الزهور الزكية التي رسمت لنا مساء بطعم الوفاء.
قبل الختام تقدمت كوثر زهرة من زهور "أحضان" لتؤدي بصوتها الشجي أغنية حزينة مطلعها "يا دمعتي اليتيمة ... " .. كلمات تلج إلى الأعماق و تستقر في سويداء القلب ثم تترجم إلى عبرات لم يستطع و لو واحد من كل الحضور أن يقاومها ..
قدمت جمعية "أماريس" قصصا و كتب مختلفة كهدايا رمزية لهؤلاء البراعم في نهاية الأمسية، بينما قدموا هم بدورهم هدايا رمزية لنزلاء الدار، فانصهرنا في بعضنا و تعانق الآباء و الأبناء ليودعوا بعضهم على أمل أن يكون هذا اللقاء هو الأول في علاقة حميمية ستجمعهم مستقبلا إن شاء الله .
أتقدم بجزيل الشكر و الإمتنان لأعضاء جمعيتنا التي لولا إصرار مؤسسها الأخ جلال منشور لما كتب لها أن ترى النور و قد كانت مجرد صفحة ـ ربيع النهضة ـ تجمعنا على الفايسبوك، ثم مجموعة ـ مجموعة ربيع النهضة ـ خرجنا منها بعدة أعمال خيرية إلى أن تحقق الحلم و تأسست "أماريس" : الجمعية المغربية للنهضة الإجتماعية.
و في انتظار أنشطة أخرى إن شاء الله، أسأل الله عز و جل أن يجعلنا ممن تقضى على أيديهم حوائج الناس، و أن يرزقنا القبول و الإخلاص.
13 التعليقات:
جميلة تدوينتك حنان ، تحياتي
ماشاء الله، شيء يبهج القلب، ويبعث على التفاؤل، العمل الخيري والجمعاوي له ذوقه الخاص وخاصة حين يشعر الفاعل بأنه أدى جزءا من واجب منوط..
أحييك أختي حنان على مشاركتك في هذه المبادرة، ولعل تأجيل ملتقى المدونين فيه الخير الكثير لك ولأغلب المدونين.
تحيتي
الله يبارك فيك غاليتي رجاء و لك أجر المشاركة أيضا إن شاء الله
حفظك الله أستاذي رشيد . فعلا دائما الخير في ما اختاره الله لنا
تحياتي الخالصة
بسم الله وبعد
جميل ورائع ما طرحت أختي في الله
تحياتي واحترامي وتقديري لك ولقلمك المعطاء
إلى الامام نحو الابداع دوما
http://alrantisi.co.cc
بارك الله فيك أستاذ مازن شرفت مدونتي بمرورك العطر
بارك الله فيك أختي حنان، وفق الله أماريس لمزيد من الإبداع في أعمال الخير إلى جانب إبداعك في التدوين :)
و فيك بارك الرحمان أختي حليمة .. اللهم آمين
دمت متألقة أختي حنان وفي كل الأنشطة الاجتماعية الهادفة حاضرة...
مواقف اجتماعية تحزنني كثيرا و ينفطر لها قلبي و بمجرد ذكر دار العجزة او دار الاطفال المتخلى عنهم يقشعر بدني...
متمنياتي لك و لجمعيتكم بالتوفيق
بارك الله فيك ستاذي أبو عز الدين و دمت محبا لكل خير
مساء الغاردينيا
وهل اجمل من أبتسامة يتيم ورجل طاعت في السن
أحيي شباب تلك الجمعيه وروعة هدفها "
؛؛
؛
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
Reemaas
مساء بطعم الحب لك صديقتي ريماس
شكرا لمرورك الذي ينشر عطرا في المكان
مؤثرة ..
كلماتك لها تأثير خاص ..
بارك الله فيكِ وفي قلمكِ أخيتي ..
وبارك الله في شباب "أماريس" ..
تقبل الله منكم وأعانكم ووفقكم وجزاكم خيرا ..
دمتي بخير يا غالية ..
إرسال تعليق
تعليقكم تشجيع