ركبت الحافلة، اخترت آخر صف من كراسيها، جلست بقرب النافذة و وضعت حقيبتي على ركبتي بعد أن سحبت منها قلما أسود و ثمن التذكرة، أمسكت الجريدة بكلتا يديَّ و رحت ألقي نظرة سريعة على العناوين و بالي منشغل بالوصول إلى الصفحة ما قبل الأخيرة، صفحة الكلمات المسهمة، هذا البحر الذي أشتهي الغوص فيه مستلذة نشوة اكتشاف أسرار الرائع أبو سلمى و هو يتفنن في تزيين تلك الرقعة المستطيلة بألغازه و حيله، وصلت إلى الصفحة و اجتهدت في طي الجريدة بشكل يساعدني على الكتابة، كتابة ما توصلت إليه من أسرار، مبتدئة بالمألوف و السهل منها، غصت عميقا أنعش ذاكرتي لأعرف سر هذه الكلمة و تلك، هذه ينقصها حرفان فقط و الأخرى على طرف لساني لكنها لا تحضرني الآن ... لا أعرف كيف أبدو لمن ينظر إلي، لكنني كنت أحس بحركات يدي المثيرة للإستغراب و تقاسيم وجهي التي تتغير من فرحة إلى دهشة إلى حيرة إلى شرود ...
ـ ورقتك آ الآنسة
وصلني الصوت من مسافة قريبة جدا فأفزعني، رفعت رأسي لأجد أمامي رجلا مادا يده ... ابتسمت كالبلهاء و مددت إليه خمسة دراهم
ـ آش هادشي؟ فين ورقتك واش ما قطعتيش ؟
يا إلهي إنه المراقب .. نظرت حولي، لقد قطعنا ما يزيد عن نصف المسافة ..
ـ أ أ .. أ أنا مزال ما قطعتش ! ما جاش عندي روسوفور !
عقبت امرأة تجلس بجانبي:
ـ لا آ بنيتي راه جا و خلصناه غير انت ما شفتيهش يمكن !
تبا ... ليس معي إلا عشرون درهما إضافية، يا رب سلم
ـ خاسك تخلصي خمسة و عشرين درهم ثمن الذعيرة !
و هل أملك أن أقول شيئا آخر، الحمد لله أنني أملكها و إلا فلن أسلم منك أنت الذي تنظر إلي بهاتين العينين المتطايرة شررا
ـ ها هي تفضل .. هي نيت للي عندي
ماشي خسارة فأبو سلمى واخا مزال ما خدمت و فلوس الوالد هادو ..
حدث هذا بعد تخرجي بأقل من شهر، لم أكن أعلم حينها أنني سأحظى يوما بشرف التواصل مع هذا الهرم المغربي الكبير و أعرف اسمه بالكامل عبر حسابه في الفايسبوك و أعرف أنه شاعر رائع كذلك، و رسام مبدع و إنسان طيب تستشعر روحه الهادئة في كل حرف يخطه في صفحته أو في أي مكان ..
أستاذي عبد القادر وساط أبو سلمى لازلت تدين لي بعشرين درهما ^_^
2 التعليقات:
لأن كلمات أبو سلمى المسهمة، ممتعة فقد أخذتك بعيدا حتى لم تشعري بمحيطك، شيء جميل أن نعيش لحظة مع عالم المبدع سي عبد القادر أبو سلمى.
أحسنت حنان، وتابعي مشروع الحوليات :)
بارك الله فيك أستاذي رشيد
أشكرك على تشجيعك و تحفيزك الدائم
إرسال تعليق
تعليقكم تشجيع