جالسا بجانبي، الشاب اليافع الذي كان ينقّب في هاتفه الذكي فلمست يده ذراعي، رفع رأسه ومدّ كفّا مبسوطة تلتمس مني الصفح، أردت أن أرفع رأسي وأنظر إليه، أن أقول له لا عليك أيها الولد المهذّب، لا داعي لاعتذارك، أنا على ما يرام، وأنت لم تقصد أن تضايقني، وإني سعيدة جدّا بأدبك، أردت أن أقول له الكثير... أن أحكي له عن عدد الذين آذوني ولم يعتذروا، ولم أحزن. أردت أكثر أن أنظر إليه وأبتسم من دون كلام فيفهم من ابتسامتي كل شيء، لكن رأسي كانت ثقيلة جدّا مثل صخرة، حاولت مجدّدا فلم أفلح، وظلّت كفّ الشاب ممدودة في الهواء لبرهة ثم سحبها بحرج واعتدل في جلسته مندفعا إلى الطّرف الآخر من الكرسيّ، أردت أكثر أن أرفع رأسي لأعتذر له وأشرح سبب هذا العجز، لكن الصخرة كانت أثقل، كانت تسحبني إلى أسفل..وكأنّ جسدي كلّه، بخوائه وخفّته، يجرّه الحنين وحده إلى باطن الأرض.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
تعليقكم تشجيع