فقط لو أستطيع أن أفتح عيني! أريد أن أراك و لو للحظة! أن أبتسم لك و عيني في عينيك، عساك تقرئين فيهما هذه المحبة الغامرة! لابد أنك رقيقة جدا و جميلة، حجمك صغير وأنت تحومين حولي كفراشة، أشعر بيدك الحانية تلامس تجاعيد يدي بلطف، فتسري في روحي تلك الدغدغة اللذيذة التي تنسيني هذه الأنابيب المتصلة بكل جزء من جسدي...
كان صوتك هو الأقرب إلي من بين أصواتهم، لكنني عرفتهم واحدا واحدا، لاأزال أميز بينهم و أذكر أسماءهم و ملامحهم رغم التلف الذي أصاب كل حواسي، تصلني كلماتهم من بعيد و كأنهم على فوهة بئر وأنا أستقر في قرارها، نبراتهم حادة و جافة تصلني مسترسلة و كأنها قطع من زجاج...
"نطلب منك يا آنسة أن تنزعي عنها هذه الأنابيب"
"منذ أسبوع و هي على هذه الحال، لولا هذه الأنابيب لكانت مستريحة في قبرها الآن"
"لقد تمت كل الترتيبات للجنازة و حفل العزاء لهذا اليوم، لقد أخبرنا كل أقربائنا و أصدقائنا"
و تهمسين..
ـ أرجوكم أخرجوا، أمكم قد تسمعكم، أرجوكم هذا يكفي!!
"وفري مواعظك هذه، لن تكوني أرحم على أمِّنا منَّا"
"يبدو أنك جديدة على الميدان يا آنسة، سوف نخرج للتحدث مع الطبيب"
و خرجوا...
و جلست تبكين بجانبي، و أنت لا تعلمين، والخط الأخضر المضطرب قبالتك يكاد يستقيم، و أنت لا تعلمين، و رغبتي في النظر إليك تزداد توهجا بداخلي، و أنت لا تعلمين، أردت أن أمسح دمعتك يا صغيرة و أطمئنك.. هل تعلمين؟ لقد عشت أكثر من ثمانين سنة لا أرفض لهم طلبا، و لا أدخر في حبهم و راحتم جهدا، أتظنين أني سأفعل الآن و أنا على بعد ثانية من الخط المستقيم؟ ..
0 التعليقات:
إرسال تعليق
تعليقكم تشجيع